تتواصل الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتزداد الأزمة تعقيدا بأبعادها المختلفة في الوقت الذي تطغى سمة الفوضى على المشهد العالمي، إذ لا تتوقف آثار الحرب على الدولتين فقط بل تمتد حول العالم، حيث تنفذ زيوت الطهي والدقيق في إفريقيا، ويقف الناس في طوابير لشراء الوقود في أوروبا، ويكافح المزارعون حول العالم للوصول للأسمدة الزراعية في مظاهر دفعت الدول إلى التسابق نحو إيجاد حيل لمواجهة الأزمة العالمية للطاقة وانتهاج سياسة تقشف وترشيد الاستهلاك سعيا لضمان مصالحها.
ويبدأُ الاتحاد الأوروبي تطبيقَ خطته التقشفية قريبا بالتقليل من استهلاك الغاز بنسبة 15 في المائة بشكل طوعي، مع تسجيل تزايد في حالات عدم الاستقرار بالأوضاع الاقتصادية على وقع تراجع إمدادات الغاز الروسية لبلدانهم باتت أزمة الغاز والطاقة الشغل الشاغل للأوروبيين وساسة أوروبا وقادتها، ومع اعتماد خطة تخفيف الاستهلاك للغاز تتكشف أكثر فأكثر مدى خطورة التهديد الذي يعصف بأمن أوروبا الطاقي الذي يرى مراقبون بأنه قد بات مكشوفا تماما.
ففي ألمانيا وهي من أكثر دول أوروبا تضررا من أزمة شح الطاقة، بدأت العاصمة برلين بإطفاء إنارة المعالم والمباني التاريخية، في إطار السعي لتوفير الطاقة وترشيد استهلاكها، فيما قطعت السلطات في مدينة هانوفر الألمانية الماء الساخن عن المباني والمؤسسات العامة، مخفضة درجات الحرارة القصوى للتدفئة كجزء من حملتها لترشيد صرف الطاقة، وتضمنت الإجراءات التقشفية إغلاق النوافير العامة والأضواء الخارجية لمبنى البلدية ومتاحف المدينة والمباني العامة الأخرى فيها.
ووفق وسائل الإعلام الألمانية، فإن مثل هذه القرارات ستطبقها تباعا مختلف الولايات والمدن الألمانية، في مسعى استباقي للحد من أزمة شح الطاقة الخانقة المتوقعة مع حلول هذا الشتاء.
أما في إسبانيا، فقد وصل الأمر إلى حد تخلي رئيس الوزراء بيدرو سانشيز عن ربطة عنقه، طالبا من الوزراء والعاملين في المكاتب أن يحذو حذوه من أجل المساعدة في توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء.
وطلب رئيس الوزراء الإسباني من الشركات السماح للموظفين بالعمل دون ملابس للرقبة حتى يتمكنوا أيضا من المساهمة في توفير الكهرباء، في حين تعمل وزارة التحول البيئي التي تشرف على سياسة الطاقة بالفعل على تشغيل مكيفات الهواء عند درجة حرارة أعلى من المعتاد 27 درجة كجزء من الحفاظ على الكهرباء وتقليل الاستهلاك.
وفي فرنسا بدأت بلدة بيتون، شمال فرنسا، غازا قابلاً للاشتعال، والذي كان يشكل كابوسًا لعمالها سابقا، لكنه أصبح مكسباً في الوقت الحالي في إطار التحول البيئي والأزمة الحالية ويتيح استخدام غاز المناجم إمكان تدفئة غالبية المباني العامة وتقليل فاتورة التدفئة بنسبة 41 في المائة.