أَحدثت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد “زلزالا سياسيا” في البلاد، وأثارت نقاشات قانونية ودستوريا، قسّمت التونسيين بين من أيّد هذه الخطوة ودعمها، وبين من رفضها واعتبرها “انقلابا” على الدستور.
الزلزال التونسي وصلت تداعياته إلى المغاربة؛ الذين انقسموا بدورهم إلى فئتين اثنتين تخوضان الموضوع وتسلطان الضوء عليه كل من زاوية معالجته و وجهة نظره.
فهناك من يرى أن القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قانونية وتستمد شرعيتها من الدستور التونسي وجاءت في وقتها، لاسيما بعد انهيار المنظومة الصحية التونسية بفعل انتشار فيروس كورونا، وما سببه من آلام ومعاناة للتونسيين؛ في حين يرى آخرون أن “قيس سعيد” استحوذ على جميع الصلاحيات وانقلب على الديمقراطية، وضرب مكتسبات “ثورة الياسمين” بعرض الحائط.
وفي هذا السياق، كتب “بوبكر الونخاري”، الكاتب العام لشبيبة العدل والإحسان، تدوينة جاء فيها أنه “رغم كل محاولات تغليف ما جرى في تونس بالنزاع الدستوري ومناقشة مدى احترام الشكليات، إلا أن ما حدث في تونس انقلاب صريح، وتمكين لحكم الفرد، وتركيز للصلاحيات في يد واحدة”.
و أضاف الونخاري في التدوينة عينها: “هل من معنى لإلغاء عمل البرلمان، بالمخالفة للدستور الصريحة والواضحة، من توصيف غير الانقلاب، والنكوص، وتمزيق الوثيقة الدستورية، والانقلاب على الثورة”.
“ما جرى في تونس جريمة في حقّ ثورة الياسمين، التي كانت تعيش مشاكل أي انتقال ديمقراطي، بسبب قصور الداخل، وأيضا تدخل الخارج التخريبي”، يوضح المتحدث عينه.
من ناحيته، قال “يحي اليحياوي”، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس في الرباط، إن “ما جرى في تونس ليس انقلابا، بل هو إعمال خالص لفصل في الدستور خص رئيس الدولة بصلاحيات محددة، اكتفى هذا الأخير بتفعيلها دون تجاوزها أو الاجتهاد من خارجها”.
وتساءل اليحياوي في تدوينة له في الموضوع: “أين الانقلاب على إرادة التونسيين إذا كان التونسيون أنفسهم هم من أجاز هذا الفصل وباقي فصول الدستور؟ الرئيس قدر أن الدولة في حالة خطر، وأن المؤسسات معطلة، فرأى أنه من واجبه اللجوء لإجراءات دستورية استثنائية، وإلا لدخلت البلاد في نفق مظلم، قد يتهم هو نفسه بالتقصير إن تلكأ أو تردد”.
تجدر الإشارة إلى أن رئاسة الجمهورية التونسية أصدرت، ليلة يوم الأحد الأخير، بلاغا جاء فيه أنه “بعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور؛ اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيّد قرارات تهدف إلى الحفاظ على كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة”.
و أوضح البلاغ ذاته أن هذه القرارات تشمل، إعفاء رئيس الحكومة “هشام المشيشي”، بالإضافة إلى تجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما، علاوة على رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب، ناهيك عن تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية.
و كما أنه من المحتمل سيصدر في الساعات القادمة أمر يُنظّم هذه التدابير الاستثنائية التي حتّمتها الظروف التي ستُرفع بزوال أسبابها”، يقول البلاغ مردفا: “تدعو رئاسة الجمهورية بهذه المناسبة الشعب التونسي إلى الانتباه وعدم الانزلاق وراء دعاة الفوضى.