مضت سنة على انفجار مرفأ بيروت في الرابع من غشت 2020 الذي أوقع أكثر من 200 قتيل و6 آلاف و500 جريح، وتسبب أيضا في تشريد نحو 300 ألف آخرين من منازلهم التي تضررت أو دمرت بالكامل، ولا يزال لبنان يرزح تحت عبء فاجعة غير مسبوقة.
ورغم مرور عام ، لم توجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى أي مسؤول لبناني. فالحصانات السياسية تقف عائقا أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون ،وفق تقارير، بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ.
وبين الأثر النفسي والضرر الجسدي، يعيش ضحايا التفجير معاناة مستمرة لشهور، تبقي الذكرى ماثلة أمام الناجين، الذين يقولون إن الصدمة الكبيرة لن تفلح الأيام في نسيانها.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية اليوم، يوم حداد وطني لإحياء الذكرى السنوية الأولى للكارثة، ومن المقرر إغلاق المتاجر والبنوك والشركات وستنكس المباني الحكومية الأعلام.
وبدورها، أعلنت نقابتا الصحافة والمحررين في لبنان، حجب صدور الصحف، اليوم الأربعاء. كما دعت جمعية مصارف لبنان، جميع البنوك والمصارف الأعضاء، إلى إغلاق أبوابهم اليوم مع الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت.
وتعتزم أسر الضحايا تنظيم مسيرة إلى الميناء حيث سيقام قداس في الساعة 06.04 مساء بالتوقيت المحلي (15.07 بتوقيت غرينتش) وقت وقوع الانفجار الكارثي.
وهددت عائلات الضحايا، أول أمس، بتصعيد احتجاجاتها بسبب الاستياء من بطء وتيرة التحقيق في أسباب الانفجار. كما دعت البرلمان إلى رفع الحصانة عن النواب ومسؤولي الأمن اللبنانيين الذين يتهمونهم بالإهمال.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون في خطاب متلفز مساء أمس الثلاثاء ،”إن الحقيقة ستظهر وكل مذنب سيتلقى عقابه وستنهضون مجددا”.
من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن انفجار مرفأ بيروت “كشف عورات البلد”، مضيفا أنه رغم مضي سنة على هذا الانفجار، “لكن المعالم ما تزال صارخة، والوجع ما زال يدمي القلوب، ونار حرقة أهالي الشهداء والجرحى لم تنطفئ”.
وأجبر الانفجار حكومة دياب على الاستقالة، لكنها ظلت في مهام تسيير الأعمال مع فشل محاولات تشكيل حكومة جديدة قبل قبول نجيب ميقاتي تلك المهمة قبل أيام.
وعمقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس “كورونا” قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف عام 2019 وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المائة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار المواد والبضائع كافة، حتى أن أسعار مواد غذائية أساسية ارتفعت بأكثر من 700 في المائة خلال عامين.
ووفق تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان، أصدره الاثنين، فإن الأزمات المتفاقمة في لبنان وعجز الحكومة عن التعامل معها، أوصل الأوضاع في البلاد إلى مستوى غير مسبوق من التدهور.
وأشار التقرير الذي جاء بعنوان “لبنان… الانزلاق إلى الهاوية”، إلى أن معدل الفقر في لبنان تجاوز 55 في المائة، في حين بات أكثر من 50 في المائة من العمال المهاجرين عاطلين عن العمل.
وخسرت الطبقة السياسية خلال عام بلا حكومة، رهانات المجتمع الدولي ودعمه، وخسر اللبنانيون قدرتهم على الاستمرار في بلد يفتقر إلى أدنى مقومات العيش، ولا يزال السياسيون يحاولون تدوير الزوايا للتوصل إلى اتفاقات بشأن تشكيل حكومة تُدخِل في معاييرها الحسابات السياسية والحزبية، وسط نقمة شعبية ورهانات على تغيير منتظَر في انتخابات الربيع المقبل النيابية.