Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / سياسة / خنيفرة نموذجا... لماذا يتم إقصاء أبناء الأطلس المتوسط من الاستوزار؟

خنيفرة نموذجا... لماذا يتم إقصاء أبناء الأطلس المتوسط من الاستوزار؟

محمد فكراوي 29 سبتمبر 2021 - 17:02 سياسة

في انتهاك فج وصريح لقطاع “تشوافت” غير المهيكل، لم يتردد عدد من المحللين والصحافيين، وأشباههم، في انتحال صفة العرّافات وارتداء ثوب قارئات الفنجان، في مسعى للظهور بمظهر المُلِمِّينَ بخبايا صالونات الرباط، ومعرفتهم المسبقة بالتشكيلة الحكومية التي سيدخل بها عزيز أخنوش غمار تسيير الشأن العام خلال الخمس سنوات القادمة.

وبغض النظر عن سخافة الادعاء بالقرب من دائرة صنع القرار التي يدعيها هؤلاء، فإن ذلك لا يمنع من القول أن لوائح الوزراء المطروحة هنا وهناك تكشف بشكل جلي، لا لُبْسَ فيه، عن اللاوعي الجمعي الذي يحكم نظرة المركز إلى الهامش في هذه الأرض السعيدة.

وما إجماع “الشوّافين” و”الشوّافات”، واتفاقهم على غياب/تغييب أي اسم ينتمي أو ينحدر من منطقة الأطلس المتوسط، إلا دليل يكشف عن رغبة الماسكين الحقيقيين بزمام الأمر في تهميش المنطقة وإقصائها من دائرة صنع القرار الوطني.

شكّل الحركي السابق حمو أوحلي، الوزير المنحدر من إقليم إفران، والذي يشغل في حكومة العثماني منصب كاتب الدولة المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات، استثناء في حكومة سيطرت عليها بروفايلات وأسماء قادمة من عوالم بعيدة كل البعد جغرافيا وثقافيا وإثنيا عن منطقة الأطلس المتوسط.

مثلما كان قبله جاره وزميله السابق في الحركة الشعبية محمد وزين، استثناء في تشكيلة حكومة عبد الإله بنكيران، التي ما لبث أن غادرها بفضيحة كادت تعصف بمستقبله السياسي بعدما تسببت “كرّاطة” في تصنيفه مسخوط الملك والشعب… أما ثالث الحركيين سعيد امزازي، المنحدر من صفرو، فقصة استوزاه حكاية أخرى.

هل الأمر مخطط له ويستهدف، بشكل متعمد ومدروس، إقصاء الأطلس المتوسط وحرمان أبنائه من التوفر على لوبي حقيقي بالعاصمة؟

يبدو الأمر مستبعدا ومستعصيا على التصديق، ولكن من الصعب على من عاش وترعرع مثلي في خنيفرة، مثلا، ألا ينظر بنظرة الشك لمن يعتقدون أن هذه “الحفرة” لا تصلح إلا لتفريخ “الدوزييم كلاس” وأن أبناءها لا يستحقون ولا يملكون من الأدوات والمؤهلات ما يمكنهم من المشاركة في الحكم وتدبير الشأن العام الوطني…

خنيفرة، هذه الأرض اليباب التي سُحِب البساط من تحت أقادمها منذ اللحظات الأولى التي تلت الاستقلال، بشهادة رسمية أدلت بها هيئة الإنصاف والمصالحة التي جعلت من المدينة الأطلسية المهمشة أول محطة للاستماع لشهادات ضحايا سنوات الرصاص، معترفة، بذلك وبشكل ضمني، بـ”السورسي” باعتباره نوعا من العقاب الجماعي الذي تم تسليطه على المنطقة وسكانها لأسباب سياسية لا مجال هنا للتذكير بها.

وسواء كان هذا “السورسي” حقيقيا أو وهميا…

وسواء كان هذا “السورسي ماديا أو معنويا…

وسواء كان هذا “السورسي مستمرا في الزمان أم تم طي صفحته…

فإن أول ما كان ينبغي التأسيس له بعد الإعلان عن طي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، هو القطع مع الذهنية التي أبدعت “السورسي”، والتنصيص على إلزامية التوزيع العادل للثروات والحكم بما يضمن إشراك أبناء الأطلس المتوسط في تدبير الشأن الوطني العام، لأنه لا يمكن أن تقوم للمغرب قائمة إذا راهن على إقصاء رقعة من أرضه وفئة من أبنائه، وتوزيع الكعكة الحكومية، التي يبدو أنها اقتربت من الخروج من الفرن، على النخب السوسية والفاسية لوحدها.

كما أنه من السذاجة القول والادعاء بأن التعيينات ينبغي أن تسمو على الانتماءات الجغرافية والقبلية وأن تعطى الأولوية للكفاءة فقط، وإلا فإن ذلك يعني أن أبناء خنيفرة لم يحظوا بالتعليم الجيد والظروف المناسبة والكفيلة بإنتاج نخب سياسية واقتصادية تؤهلهم للمساهمة في تسيير الشأن العام، وبالتالي على الدولة تحمل مسؤولياتها السياسية والتاريخية والأخلاقية عن التأخر الذي تعرفه مؤشرات التنمية البشرية بالإقليم.

شاركها LinkedIn
الوسوم