مصطفى تيليوا – إذا كان الفيلسوف الألماني هيغل قد تساءل في كتابه “دروس في فلسفة التاريخ”، عن المحرك الذي ما انفك يصنع التاريخ ، فإني أعتقد أن التاريخ يصنع وينحت عن طريق ذلك الفكر التقدمي الثوري الذي لا يتوانى في امتلاك إرادة برومثيوسية للتغيير. وهذا التغيير الحقيقي للبنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يتم في رأيي إلا عن طريق “المثقف” فهو صانع التاريخ وأحد محركاته كما أنه فضلا عن ذلك يعتبر بمثابة روح المجتمع وقلبه النابض، فهو يساهم عبر إنتاجه للوعي في تحرير المجتمعات من جل أشكال التخلف والركود والسلبية، ليكون بذلك جسرا تنتقل من خلاله الإنسانية من ضفة الجهل إلى ضفة النور.
بيد أننا قد لا نجانب الحقيقة في الإقرار بأن المثقف يؤثر في عصره ويتأثر به، فهو مهما حاول أن يحيا في زمان غير زمانه ما استطاع. ويبدو أن هذه الإشكالية بالأساس أي إشكالية “المثقف وعلاقته بعصره” هي مثار العديد من التساؤلات المؤرقة والخطيرة في نفس الوقت.
فهل انتهى فعلا دور المثقف في مجتمعاتنا المعاصرة ليصبح بذلك مجرد تراث من الماضي نستلذ بالحنين إليه؟ هل أن خفوت صوته وانتكاس إشعاعه الفكري سيؤديان بغير المثقفين ،”التافهين” للبروز على الساحة وإنتاج التفاهة، كما هو حاصل بالفعل؟ كيف يمكن لنا أن نبعث فيه روحا جديدة تكون كفيلة بتجديد دور المثقف ليعود من جديد لإنتاج الوعي وتغيير العالم؟