“دكان الناس.. دكان بلا دفوف وبلا سورات.. دكان مفتوح لكل الناس
دكان الصانع و العامل….ملقى الحباب عندنا أساس…و أغاني تطرب السامع….“
أبصر الأستاذ الفنان محمد أبو الصواب نور الحياة في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين، وبالضبط سنة 1950.
ففي مدينة البهجة وعاصمة النخيل كانت الصرخة الأولى لمحمد الصواب، لذلك فلا غرابة أن يمتلك ذلك الحس الفني والملامح الفرجوية والنكتة التي تجري بالسليقة على ألسنة أبناء مدينة مدينة البهجة، مراكش الحمراء.
تابع محمد أبو الصواب دراسته الثانوية بثانوية محمد الخامس الواقعة بباب اغمات بمراكش، وفي إطار المسرح المدرسي قدم عروضا مسرحية أبرزت بشكل مبكر مواهبه، لينضم فيما بعد إلى فرقة الأطلس الشعبية.
لم يكتف الفنان الراحل بالبقاء ضمن مجموعة واحدة، ولم يجعل نفسه رهن تجربة محددة، وإنما مر من فرقة الصاعدين، والنادي الفني كوميديا.
وفي سنة 1965 كانت له أول مشاركة في التلفزيون في تمثيلية “موعد في العاشرة”، كما أنه احترف ضمن فرقة المعمورة الشهيرة سنة 1970، التي كانت مشتلا لعديد المبدعين والممثلين المغاربة.
جاء به الفنان المقتدر محمد حسن الجندي إلى الإذاعة ممثلا في سيرة عنترة بن شداد وسيف ذي يزل، إلى جانب مراكشي آخر أتقن دور ”السرقديوس”، ومنحه إدريس التادلي فرصة الانضمام إلى فرقة ”المعمورة”وشخص أدواره بإتقان في برنامج تلفزيوني اسمه ”محكمة”، كان يعرض لوقائع الجريمة والانحراف في قالب رصين. لكنه انجذب إلى عروض شملت فن تقديم السهرات التي تتخللها فقرات هزلية. كان بارعا في حكاية النكتة، يلبسها إيحاءات سياسية في بعض الأحيان ويبتعد أحيانا إلى انتقاد عيوب النساء والرجال.
ومن أعماله الخالدة في الدراما للإذاعة الوطنية كمؤلف لتمثيليات “أستاذ الريح”، و”ليلة القبض على فاطمة” و”الهمزة”… فالمرحوم محمد أبو الصواب ارتبط ارتباطا وثيقا بمسرح الفنان الطيب الصديقي، وبخلية تنظيم سهرات المطرب عبدالهادي بلخياط…
اشتهر محمد أبو الصواب بمونولوجاته الفكاهية التي تتطرق لمواضيع اجتماعية، بالإضافة إلى تنشيط وتقديم عدد من السهرات. وانطلاقا من سنة 1983 كان يقدم برنامج “دكان الناس” بالإذاعة الوطنية.
ومن هذه التجربة المميزة تعرف المستمعون المغاربة المولعون بالأثير على الصوت المتميز للفنان والإذاعي أبوالصواب، وكذا العبارات التي كان الراحل يفتتح بها برنامجه “دكان الناس”، حيث كان أبو الصواب يردد لازمته الشهيرة: “دكان الناس.. دكان بلا دفوف وبلا سورات.. دكان مفتوح لكل الناس..”.
وبالرغم من أن البرنامج كان يقدم من الثالثة إلى الرابعة بعد الزوال، لكون نسب الاستماع فيها ضعيفة، لأن أغلبية المستمعين يوجدون في مقرات عملهم، إلا أن طريقة التنشيط وشوق المستمعين لمثل هذه البرامج جعلت المتابعة الإذاعية ترتفع، حتى أن بعضهم كان يصطحب معه جهاز جهاز المذياع إلى العمل.
دكانه الأصلي كان بيته، يجمع الأصدقاء على اختلاف مشاربهم، من الطيب الصديقي إلى بوجميع، ومن عبد الهادي بلخياط إلى علي الحداني ومن مولاي الطاهر الأصفهاني إلى لاعبي الكرة في فريق الجيش أو الكوكب التي كان يلاحق مبارياتها مثل الشمس، فهو كوكبي الكرة وغيواني الإيقاع وجيلالي الصداقة.
بعد دكان الناس أنجز الراحل أبو الصواب برنامج ”في خدمة الناس” برنامج يهتم بالبحث عن المتغيبين، وقد حقق البرنامج نجاحا كبيرا لأنه استطاع أن يلم شمل مجموعة من العائلات المغربية التي اختفى أحد أفرادها لسنوات.
وبالاضافة لكل ذلك، ساهم أبو الصواب في تقديم برامج إذاعية أخرى، وخاصة الأعمال الإذاعية المتميزة التي أعدها الاعلامي المقتدر الأستاذ محمد بن عبد السلام، والتي تناوب على تقديمها ثلة من الاذاعيين كحملات التلقيح وحوادث السير وقطار التنمية وريحة البلاد ….
كانت آخر مسرحية شارك فيها الفنان الراحل محمد أبوالصواب “شوف فيا نشوف فيك”، قبل أن يدركه الموت حيث توفي بتاريخ 20 مارس 1995، اثر حادثة سير تعرض لها شهر مارس 1995.
“منذ أن وافته المنية سنة 1995 على إثر حادثة سير لم تكن هناك التفاتة لعائلة الراحل الفنان المراكشي والإذاعي المتميز مبدع برنامج “دكان الناس” حتى من أصدقائه، وكأن المرحوم سقط من ذاكرة المراكشيين والمغاربة على حد سواء.