تماشيا مع سلسلة الإجراءات الاحترازية التي سارع المغرب إلى الإعلان عنها في المراحل الأولى لإنتشار فيروس كورونا المستجد للتصدي لخطر تفشي هذا الوباء، عملت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على وضع خطة استباقية شملت كافة المستويات البشرية والمادية واللوجيستيكية والصحية والأمنية والتأهيلية، من أجل تحصين المؤسسات السجنية قدر الإمكان والحفاظ على أمن وسلامة ساكنتها والموظفين العاملين بها والمرتفقين.
وأضح التقرير السنوي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج برسم سنة 2020 ٬ أنه النظر إلى كون هذه المؤسسات فضاءات مغلقة تأوي عددا كبيرا من السجناء بمختلف فئاتهم، وتعرف اكتظاظا نتيجة التزايد المضطرد للساكنة السجنية ومحدودية طاقتها الاستيعابية مما يصعب معه تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي ويرفع من خطر انتشار العدوى.
وحسب المصدر نفسه٬ فقد شملت هذه الخطة، مرحلتين أساسيتين تميزت كل منهما بإجراءات مواكبة لما يتم إقراره من طرف السلطات العمومية مع استحضار الحاجيات الذاتية للمؤسسات السجنية.
وقد مكنت الخطة المذكورة، التي تميزت بالمرونة والشمولية، من تحقيق نتائج جد هامة في محاصرة الجائحة بالمؤسسات السجنية والتي يمكن رصدها من خلال المؤشرات الإيجابية المسجلة سواء خلال المرحلة الأولى وكذا خلال الفترة ما بين المرحلة الثانية إلى غاية متم سنة 2020 ، حيث أعلنت المندوبية العامة بتاريخ 12 يونيو، ومن 25 إلى 27 يونيو 2020 عن خلو جميع المؤسسات السجنية من حالات الإصابة.
وذكر التقرير ذاته، أنه في إطار الإجراءات التي أعلنت عنها المندوبية العامة للتصدي لكوفيد-19 تم اعتماد حجر صحي شامل لـ8860 موظفا من بينهم 691 موظفة داخل المؤسسات السجنية موزعين على فوجين، مع تعبئة 120 موظفا بالمؤسسات السجنية وتوفير الإقامة لهم بالمركز الوطني لتكوين الأطر بتيفلت لضمان جاهزيتهم للتدخل عند حدوث أي طارئ وأضاف التقرير أنه تم تكليف موظف على مستوى كل مؤسسة سجنية من أجل تقديم الدعم الاجتماعي لأسر الموظفين الخاضعين للحجر، كما تم وضع “COVID19 – DGAPR – PSY ” رهن إشارة الموظفين العاملين بالسجون من أجل الحصول على إرشادات وتوجيهات لتجاوز بعض التأثيرات النفسية المرتبطة بالظرفية الاستثنائية.
ولتعزيز هذه الحصيلة الإيجابية المسجلة، أفاد التقرير، أن المندوبية العامة لازالت في حالة التأهب المطلوب وتلتزم بمواصلة العمل على مواكبة التدابير المتخذة على الصعيد الوطني إلى أن يتم تخطي هذه المرحلة الصعبة بسلام وبشكل نهائي. وقد قامت في هذا الصدد بوضع خطة عمل تمتد من فاتح يناير إلى غاية متم شهر يونيو 2021 وتتضمن الإجراءات المبرمجة لتدبير هذه الأزمة الصحية خلال الفترة المذكورة.
من جهة ثانية، ورغبة منها في تسليط الضوء على التطور الذي عرفه قطاع السجون وإتاحته للبلدان الشقيقة والصديقة في القارة الإفريقية، نظمت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، المنتدى الإفريقي الأول لإدارات السجون وإعادة الإدماج، يومي 30 و 31 يناير 2020 بالرباط، تحت شعار “نحو رؤية مشتركة لتعزيز التعاون جنوب-جنوب لمواجهة تحديات وإكراهات تدبير المؤسسات السجنية.
كما نظمت المندوبية عدة أنشطة خلال سنة 2020، منها ندوة وطنية في 11 فبراير 2020 حول موضوع: “تطبيق البحث العلمي في تدبير المؤسسات السجنية”، إحداث رواق خاص بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب خلال الفترة الممتدة من 06 إلى 16 فبراير2020، و إطلاق أشغال تحضير “المناظرة التوافقية” حول موضوع “الإدماج الاجتماعي للنزلاء بالمغرب” بتاريخ 4 مارس من السنة نفسها، وتنظيم يوم دراسي حول موضوع “رؤى متقاطعة حول تدبير مسار الاعتقال”.
وواكبت المندوبية العامة، التجارب والتطورات التي عرفتها المملكة في مجال التعليم بصفة عامة خلال انتشار جائحة كورونا “كوفيد المستجد” على وجه الخصوص، فارتأت بدورها العمل على توفير التعليم عن بعد لفائدة المتمدرسين والطلبة من نزلاء المؤسسات السجنية، وذلك من خلال إنشاء أستوديو متعدد الوظائف بالسجن المحلي سلا 2 بشراكة مع الكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار.
وأفاد التقرير، أن عدد المعتقلين شهد انخفاضا ما بين سنتي 2019 و 2020 ويعزى ذلك إلى استفادة عدد كبر منهم من الإفراج بموجب العفو الملكي خلال سنة 2020 ، إضافة إلى تعليق أنشطة المحاكم خلال فترة الحجر الصحي واقتصارها على القضاء الاستعجالي موازاة مع الانخفاض النسبي في معدلات الجريمة خلال الفترة ذاتها، وهو ما أفرز أيضا انخفاضا ملحوظا في عدد المعتقلين الوافدين من حالة سراح على المؤسسات السجنية ما بين السنتين المذكورتين.